حتى خرجنا عليهم، فطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضهم وديارهم وأموالهم؛ وأردنا إشراككم في ملكنا، فأبيتم إلا الخروج علينا؛ وظننت ما رأيت ذكرنا أباك وتفضيلنا إياه، لتقدّمه على العباس وحمزة وجعفر، وليس كما ظننت، ولكن هؤلاء سالمون، مسلّم منهم مجتمع بالفضل عليهم، وابتلى بالحرب أبوك، فكانت بنو أمية تلعنه على المنابر كما تلعن أهل الكفر في الصلاة المكتوبة؛ فاحتجينا له، وذكرنا فضله، وعنّفناهم، وظلمناهم فيما نالوا منه.
وقد علمت أن المكرمة في الجاهلية سقاية الحاج الأعظم وولاية بئر زمزم، وكانت للعباس من بين إخوته، وقد نازعنا فيها أبوك فقضى لنا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلم نزل نليها في الجاهلية والإسلام، وقد علمت أنه لم يبق أحد من بعد النبي صلّى الله عليه وسلم من بني عبد المطلب غير العباس وحده، فكان وارثه من بين إخوته، ثم طلب هذا الأمر غير واحد من بني هاشم فلم ينله إلا ولده، فالسقاية سقايتنا، وميراث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ميراثنا، والخلافة بأيدينا، فلم يبق فضل ولا شرف في الجاهلية والإسلام إلا والعباس وارثه ومورّثه، والسلام.
[مقتل محمد وإبراهيم:]
فلما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة، بايعه أهل المدينة وأهل مكة، وخرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بالبصرة في شهر رمضان، فاجتمع الناس إليه، فنهض إلى دار الإمارة وبها سفيان بن محمد بن المهلب فسلّم إليه البصرة بغير قتال؛ وأرسل إبراهيم بن عبد الله بن الحسن إلى الأهواز جيشا فأخذها بعد قتال شديد، وأرسل جيشا إلى واسط فأخذها.
ثم إن أبا جعفر المنصور جهز إليهم عيسى بن موسى، فخرج إلى المدينة، فلقيه محمد بن عبد الله، فانهزم بأصحابه وقتل.
ثم مضى عيسى بن موسى إلى البصرة فلقى إبراهيم بن الحسن فقتله وبعث برأسه إلى أبي جعفر.