أبيك خاصة وأهل الفضل منهم إلا بنو أمهات أولاد؟ وما ولد منكم بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أفضل من عليّ ابن الحسين وهو لأمّ ولد، وهو خير من جدك حسن بن حسن، وما كان فيكم بعده مثل ابنه محمد بن على وجدّته أمّ ولد، وهو خير من أبيك، ولا مثل ابنه جعفر، وهو خير منك، وجدّته أم ولد.
وأما قولك: إنا بنو رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فإن الله يقول: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ
«١» ؛ ولكنكم بنو ابنته، وهي امرأة لا تحوز ميراثا، ولا ترث الولاية، ولا يحل لها أن تؤمّ؛ فكيف تورث بها إمامة؟ ولقد ظلمها أبوك بكل وجه؛ فأخرجها نهارا، ومرضها سرا، ودفنها ليلا؛ فأبى الناس إلا الشيخين لتفضيلهما؛ ولقد كانت السّنة التي لا اختلاف فيها أن الجدّ أبا الأم والخال والخالة، لا يرثون.
وأما ما فخرت به من عليّ وسابقته، فقد حضرت النبي صلّى الله عليه وسلم الوفاة، فأمر غيره بالصلاة، ثم أخذ الناس رجلا بعد فما أخذوه؛ وكان في الستة من أصحاب الشورى، فتركوه كلهم؛ رفضه عبد الرحمن بن عوف، وقاتله طلحة والزبير، وأبي سعد بيعته وأغلق بابه دونه وبايع معاوية بعده؛ ثم طلبها بكل وجه، فقاتل عليها، ثم حكم الحكمين ورضي بهما وأعطاهما عهد الله وميثاقه، فاجتمعا على خلعه واختلفا في معاوية؛ ثم قام جدك الحسن فباعها بخرق ودراهم، ولحق بالحجاز وأسلم شيعته بيد معاوية، ودفع الأمور إلى غير أهلها، وأخذ مالا من غير ولائه؛ فإن كان لكم فيها حق فقد بعتموه وأخذتم ثمنه؛ ثم خرج عمك الحسين على بن مرجانة، فكان الناس معه عليه حتى قتلوه وأتوا برأسه إليه؛ ثم خرجتم على بني أمية فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل وأحرقوكم بالنيران ونفوكم من البلدان، حتى قتل يحيى بن زياد بأرض خراسان، وقتلوا رجالكم وأسروا الصّبية والنساء وحملوهم كالسبي المجلوب إلى الشام.