قال: فأتيناه بحجام واعذرنا إليه ألا يتكلم حتى ينقضي أمره فبدأ الحجام بحلقه، فلما أمعن في حلقه سأله عن مسألة، فنفض ثيابه وقام بنصف رأسه محلوقا حتى دخل بيته، ثم جئناه بغير، فقال: لا واللَّه لا أخرج إليه حتى تحلفوه! فحلّفناه ألّا يسأله عن شيء؛ فخرج إليه.
[نوادر محمد بن مطروح الأعرج]
ولمحمد بن مطروح الأعرج من التبرم والملح والضجر والترفّع ما هو أحسن من هذا وأوقع.
قال له رجل يوما: ما تقول يرحمك اللَّه في رجل مات يوم الجمعة، أيعذب عذاب القبر؟ قال: يعذّب يوم السبت! وقال له آخر: أتجد في بعض الحديث أنّ جهنم تخرب؟ قال: ما أشقاك إن اتكلت على خرابها! واستسقى بالناس يوما فأسرع بالصلاة قبل أن يتوافى الناس: فلما انصرف تلقاه بعض الوزراء فقال له: أسرعت أبا عبد اللَّه. قال: ليس علينا أن ننتظر حتى تشربوا وتأكلوا! وكانت لقومس الكاتب منه منزلة وجوار، وكان يتحفه ويتفقده بما أمكنه من الهدايا، وكانت صلاته معه في الجامع، والأعرج صاحب الصلاة، فإذا حضرت الصلاة ولم يحضر قومس، قال لبعض القومة: أنت يا شيطان، كلّم هؤلاء الكلاب لا يقيمون الصلاة حتى يأتي ذلك الخنزير.
فكان برّه في حبس الصلاة عليه برّا العقوق خير منه.
وكان يجلس إليه خصي لزرياب، قد حج وتنسك ولزم الجامع، فيتحدّث في مجلسه بأخبار زرياب، ويقول: كان أبو الحسن رحمة اللَّه يقول كذا وكذا. فقال له