ساعدة الإيادي؟ قالوا: كلنا يعرفه قال: فما فعل؟ قالوا: هلك! قال: ما أنساه بسوق عكاظ في الشهر الحرام على جمل له أحمر وهو يخطب الناس ويقول:
اسمعوا وعوا: من عاش مات، ومن مات فات، وكلّ ما هو آت آت؛ إنّ في السماء لخبرا، وإنّ في الأرض لعبرا، سحائب تمور، ونجوم تغور، في فلك يدور.
يقسم قسّ قسما: إن لله دينا هو أرضى من دينكم هذا.
ثم قال: مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالإقامة فأقاموا؟ أم تركوا فناموا.
أيكم يروي من شعره؟ فأنشد بعضهم:
في الذّاهبين الأوّلين ... من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا ... للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها ... تمضي: الأكابر والأصاغر
لا يرجع الماضي ولا ... يبقى من الباقين غابر
أيقنت أني لا محا ... لة حيث صار القوم صائر
[خطبة عائشة أم المؤمنين رحمها الله يوم الجمل]
قالت: أيها الناس صه صه؛ إنّ لي عليكم حق الأمومة، وحقّ الموعظة؛ لا يتهمني إلا من عصى ربّه؛ مات رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين سحري «١» ونحري؛ فأنا إحدى نسائه في الجنة، له ادّخرني ربي وخلّصني من كلّ بضع «٢» ؛ وبي ميّز مؤمنكم من منافقكم، وبي أرخص الله لكم في صعيد الأبواء «٣» ؛ ثم أبي ثاني اثنين الله ثالثهما؛ وأول من سمّي صدّيقا، مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم راضيا عنه؛ وطوّقه أعباء الإمامة، ثم اضطرب حبل الدين بعده؛ فمسك أبي بطرفيه، ورتق لكم فتق النفاق، وأغاض «٤» نبع الردة،