للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ

«١» ثم قال: يا أمير المؤمنين، هذا جزاء من يطفّف في الكيل والميزان، فما ظنّك بمن أخذه كله؟!

[لأعرابي يعظ أخاه:]

وقال أعرابي لأخيه: يا أخي، أنت طالب ومطلوب، يطلبك مالا تفوته، وتطلب ما قد كفيته، فكأنّ ما غاب عنك قد كشف لك، وما أنت فيه قد نقلت عنه، فامهد لنفسك، وأعدّ لغدك، وخذ في جهازك.

ووعظ أعرابي أخا له أفسد ماله في الشراب، فقال: لا الدهر يعظك، ولا الأيام تنذرك، ولا الشيب يزجرك، والساعات تحصى عليك، والأنفاس تعدّ منك، والمنايا تقاد إليك؛ أحب الأمور إليك أعودها بالمضرة عليك.

[لبعض الأعراب:]

وقيل لأعرابي: مالك لا تشرب النبيذ؟ قال: لثلاث خلال فيه: لأنه متلف للمال، مذهب للعقل، مسقط للمروءة.

وقال أعرابي لرجل: أي أخي، إن يسار النفس أفضل من يسار المال، فإن لم ترزق غنى» فلا تحرم تقوى، فرب شبعان من النعم، غرثان «٢» من الكرم؛ واعلم أن المؤمن على خير، ترحّب به الأرض، وتستبشر به السماء؛ ولن يساء إليه في بطنها، وقد أحسن على ظهرها.

وقال أعرابي: الدراهم مياسم «٣» تسم حمدا وذمّا؛ فمن حبسها كان لها، ومن أنفقها كانت له؛ وما كلّ من أعطي مالا أعطي حمدا ولا كلّ عديم ذميم.

أخذ هذا المعنى الشاعر فقال:

أنت للمال إذا أمسكته ... فإذا أنفقته فالمال لك