أمرتم، إن العلم يوشك أن يرفع، ورفعه ذهاب العلماء. ألا وإني أعلم بشراركم من البيطار بالفرس: الذين لا يقرؤن القرآن إلا هجرا «١» ، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا «٢»
؛ ألا وإن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البرّ والفاجر؛ ألا وإن الآخرة أجل مستأخر يحكم فيه ملك قادر؛ ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر، واعلموا أنكم ملاقوه لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
«٣» ألا وإن الخير كلّه بحذافيره في الجنة؛ ألا وإن الشرّ كلّه بحذافيره في النار؛ ألا وإنّ من يعمل مثقال ذرّة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرا يره وأستغفر الله لي ولكم.
[وخطبة للحجاج]
خطب الحجاج أهل العراق فقال: يأهل العراق إني لم أجد لكم دواء أدوى «٤» لدائكم من هذه المغازي والبعوث، لولا طيب ليلة الإياب وفرحة القفل، فإنها تعقب راحة وإني لا أريد أن أرى الفرح عندكم ولا الرّاحة بكم؛ وما أراكم إلا كارهين لمقالتي، أنا والله لرؤيتكم أكره، ولولا ما أريد من تنفيذ طاعة أمير المؤمنين فيكم ما حمّلت نفسي مقاساتكم والصبر على النظر إليكم؛ والله أسأل حسن العون عليكم! ثم نزل.
[خطبة الحجاج حين أراد الحج]
يأهل العراق، إني أردت الحج، وقد استخلفت عليك ابني محمدا، وما كنتم له بأهل. وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الأنصار؛ فإنه أوصى أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، وأنا. أوصيته أن لا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم! ألا وإنكم قائلون بعدي مقالة لا يمنعكم. من إظهارها إلا خوفي، تقولون: لا أحسن الله له الصحابة! وإني أعجّل لكم الجواب: فلا أحسن الله عليكم الخلافة! ثم نزل.