كسوته، فقال: يأمرك أبو جعفر أن تصلي في هذه. قال: وافترقنا.
قال: فو الله ما رأيته إلا وحرسيان «١» قابضان عليّ يدنياني منه في جماعة من قومي لأبايعه، فلما نظر إليّ اثبتني، فقال: خليا عمن صحّت مودته، وتقدّمت حرمته، وأخذت قبل اليوم بيعته. قال: فأكبر الناس ذلك من قوله، ووجدته على أول عهده لي؛ ثم قال لي: أين كنت عني في أيام أخي أبي العباس؟ فذهبت أعتذر، قال:
أمسك؛ فإن لكل شيء وقتا لا يعدوه، ولن يفوتك إن شاء الله حظّ مودتك وحق مسابقتك، فاختر بين رزق يسعك، أو عمل يرفعك. قلت: أنا حافظ لوصيتك! قال: وأنا لها أحفظ، إنما نهيتك أن تخطب الأعمال ولم أنهك عن قبولها. قلت: الرزق مع قرب أمير المؤمنين أحبّ إليّ. قال: ذلك لك وهو أجمّ «٢» لقلبك وأودع لك، وأعفى إن شاء الله. ثم قال: هل زدت في عيالك بعدي شيئا؟ وكان قد سألني عنهم، فذكرتهم له فعجبت من حفظه.
قلت: الفرس والخادم.
قال: قد ألحقنا عيالك بعيالنا، وخادمك بخادمنا، وفرسك بخيلنا، ولو وسعني لحملت إليك من بيت المال، وقد ضممتك إلى المهدي، وأنا أوصيه بك، فإنه أفرغ لك مني.
[الأحوص وأيمن وابن حزم مع الوليد:]
قال الأحوص بن محمد الشاعر الأنصاري، من بني عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الذي حمت لحمه الدّبر «٣» ، يشبّب بامرأة يقال لها أمّ جعفر، فقال فيها:
أدور ولولا أن أرى أمّ جعفر ... بأبياتكم ما درت حيث أدور