يحتاج إليه؛ ثم قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوضع رداءه؛ فلما رأى ذلك المهاجرون والأنصار وضعوا أرديتهم وأكسيتهم يعملون ويرتجزون ويقولون:
لئن قعدنا والنّبيّ يعمل ... ذاك إذا لعمل مضلّل
قالت: وكان عثمان بن عفان رجلا نظيفا متنظفا، فكان يحمل اللبنة ويجافي بها عن ثوبه، فإذا وضعها نفض كفيه ونظر إلى ثوبه، فإذا أصابه شيء من التراب نفضه؛ فنظر إليه عليّ رضي الله عنه فأنشده:
لا يستوي من يعمر المساجدا ... يدأب فيها راكعا وساجدا «١»
وقائما طورا وطورا قاعدا ... ومن يرى عن التراب حائدا
فسمعها عمار بن ياسر، فجعل يرتجزها وهو لا يدري من يعني؛ فسمعه عثمان فقال: يا بن سمية، ما أعرفني بمن تعرّض. ومعه جريدة، فقال: لتكفّنّ أو لأعترضنّ بها وجهك! فسمعه النبي صلّى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل حائط، فقال: عمّار جلدة ما بين عينيّ وأنفي، فمن بلغ ذلك منه؟ وأشار بيده فوضعها بين عينيه، فكف الناس عن ذلك، وقالوا لعمار: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد غضب فيك، ونخاف أن ينزل فينا قرآن. فقال أنا أرضيه كما غضب. فأقبل عليه فقال يا رسول الله، مالي ولأصحابك؟ قال: ومالك ولهم؟ قال: يريدون قتلي،. يحملون لبنة [لبنة] ويحملون عليّ لبنتين. فأخذ به وطاف به في المسجد وجعل يمسح وجهه من التراب ويقول: يا ابن سمية، لا يقتلك أصحابي؛ ولكن تقتلك الفئة الباغية.
فلما قتل بصفين وروى هذا الحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال معاوية:
هم قتلوه؛ لأنهم أخرجوه إلى القتل! فلما بلغ ذلك عليا قال: ونحن قتلنا أيضا حمزة، لأنّا أخرجناه.
[من حرب صفين]
أبو الحسن قال: كانت أيام صفين كلها موافقة، ولم تكن هزيمة في أحد الفريقين إلا على حامية ثم يكرّون.