أبو بكر بن أبي شيبة قال: انقضت وقعة صفين عن سبعين ألف قتيل: خمسين ألفا من أهل الشام، وعشرين ألفا من أهل العراق.
ولما انصرف الناس من صفين قال عمرو بن العاص:
شبّت الحرب فأعددت لها ... مشرّف الحارك محبوك الثّبج «١»
يصل الشرّ بشّر فإذا ... وثب الخيل من الشرّ معج «٢»
جرشع أعظمه جفرته ... فإذا ابتلّ من الماء خرج «٣»
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص:
فإن شهدت جمل مقامي ومشهدي ... بصفّين يوما شاب منها الذّوائب
عشيّة جا أهل العراق كأنهم ... سحاب خريف صفّعته الجنائب «٤»
وجئناهم تترى كأن صفوفنا ... من البحر مدّ موجه متراكب
إذا قلت قد ولّوا سراعا بدت لنا ... كتائب منهم فارجحنّت كتائب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم ... سراة النهار ما تولّى المناكب
وقالوا لنا: إنا نرى أن تبايعوا ... علياّ فقلنا: بل نرى أن نضارب
وقال السيد الحميري وهو رأس الشيعة، وكانت الشيعة من تعظيمها له تلقى له وسادا بمسجد الكوفة:
إني أدين بما دان الوصيّ به ... وشاركت كفّه كفّي بصفّينا
في سفك ما سفكت منها إذا احتضروا ... وأبرز الله للقسط الموازينا
تلك الدّماء معا يا ربّ في عنقي ... ثم اسقني مثلها آمين آمينا
آمين! من مثلهم في مثل حالهم ... في فتية هاجروا في الله شارينا
ليسوا يريدون غير الله ربّهم ... نعم المراد توخّاه المريدونا