: الشيباني قال: لما نزل محمد بن أبي بكر مصر وصيّر إليه معاوية معاوية بن حديج الكندي. تفرّق عن محمد من كان معه، فتغيّب فدلّ عليه، فأخذه فضرب عنقه وبعث برأسه إلى معاوية. فكان أول رأس طيف به في الإسلام. وكان محمد بن جعفر بن أبي طالب معه، فاستجار بأخواله من خثعم فغيّبوه؛ وكان سيّد خثعم يومئذ رجلا في ظهره بزخ «١» من كسر أصابه، فكان إذا مشى ظنّ الجاهل أنه يتبختر في مشيته، فذكر لمعاوية أنه عنده، فقال له: أسلم إلينا هذا الرجل. فقال: ابن أختنا لجأ إلينا لنحقن دمه، فدعه عنك يا أمير المؤمنين. قال: والله لا أدعه حتى تأتيني به. قال: لا والله لا آتيك به. قال: كذبت، والله لتأتينّي به، إنك ما علمت لأوره «٢» . قال:
أجل، إني لأوره حين أقاتلك على ابن عمك لتحقن دمه، وأقدّم ابن عمي دونه تسفك دمه. فسكت عنه معاوية وخلّى بينه وبينه.
[المهدي ومعن في رجل أهدر دمه]
: الشيباني قال: قال سعيد بن سلم: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة فأقام الرجل حينا متواريا، ثم إنه ظهر بمدينة السلام، فكان ظاهرا كغائب، خائفا مترقبا.
فبينا هو يمشي في بعض نواحيها إذ بصر به رجل من أهل الكوفة فعرفه فأهوى إلى مجامع ثوبه وقال هذا بغية أمير المؤمنين. فأمكن الرجل من قياده ونظر إلى الموت أمامه. فبينا هو على تلك الحالة إذ سمع وقع الحوافر من وراء ظهره، فالتفت فإذا معن بن زائدة، فقال: يا أبا الوليد، أجرني أجارك الله. فوقف وقال للرجل الذي تعلق به: ما شأنك؟ قال: بغية أمير المؤمنين الذي أهدر دمه وأعطى لمن دلّ عليه مائة ألف. فقال: يا غلام، انزل عن دابتك واحمل أخانا. فصاح الرجل: يا معشر الناس، يحال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين. قال له معن: اذهب فأخبره أنه عندي.
فانطلق إلى باب أمير المؤمنين فأخبر الحاجب، فدخل إلى المهدي فأخبره، فأمر بحبس