ولما دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أقبل عبد الله بن مسعود وقد فاتته الصلاة عليه؛ فوقف على قبره يبكي ويطرح رداءه؛ ثم قال: والله لئن فاتتني الصلاة عليك لا فاتني حسن الثناء؛ أما والله لقد كنت سخيّا بالحق، بخيلا عن الباطل، ترضى حين الرضا، وتسخط حين السّخط، ما كنت عيّابا ولا مدّاحا؛ فجزاك الله عن الإسلام خيرا.
[علي بن أبي طالب على قبر خباب:]
ووقف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه على قبر خبّاب فقال: رحم الله خبّابا! لقد أسلم راغبا، وجاهد طائعا، وعاش زاهدا، وابتلي في جسمه فصبر؛ ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا.
[الحسن على قبر علي:]
ولما توفى علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، قام الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال: أيها الناس، إنه قبض فيكم الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون ولم يدركه الآخرون، قد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبعثه فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، لا ينثني حتى يفتح الله له؛ ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم أعدّها لخادم له.
[ابن السماء في رثاء الطائي:]
عبد الرحمن بن الحسين عن محمد بن مصعب قال: لما مات داود الطائي تكلم ابن السمّاك فقال: إن داود نظر إلى ما بين يديه من آخرته، فأغشى بصر القلب بصر العين، فكأن لم ينظر ما إليه تنظرون، وكأنكم لم تنظروا إلى ما إليه ينظر، فأنتم منه تعجبون وهو منكم يعجب، فلما رآكم مفتونين مغرورين، قد أذهلت الدنيا عقولكم،