للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم. وعلّمهم سنن الحكماء، وجنّبهم محادثة النساء، ولا تتكل على عذر مني لك، فقد اتكلت على كفاية منك.

[باب في حب الولد]

أرسل معاوية إلى الأحنف بن قيس، فقال: يا أبا بحر، ما تقول في الولد؟ قال:

ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن له أرض ذليلة، وسماء ظليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم، يمنحوك ودّهم، ويحبوك جهدهم؛ ولا تكن عليهم ثقيلا فيملوا حياتك، ويحبّوا وفاتك. فقال: لله أنت يا أحنف. لقد دخلت عليّ وإني لمملوء غضبا على يزيد، فسللته من قلبي.

فلما خرج الأحنف من عنده بعث معاوية إلى يزيد بمائتي ألف درهم ومائتي ثوب.

فبعث يزيد إلى الأحنف بمائة ألف درهم ومائة ثوب، شاطهره إياها.

وكان عبد الله بن عمر يذهب بولده سالم كل مذهب، حتى لامه الناس فيه، فقال:

يلومونني في سالم وألومهم ... وجلدة بين العين والأنف سالم

وقال: إنّ ابني سالما ليحب الله حبّا لو لم يخفه لم يعصه.

وكان يحيى بن اليمان يذهب بولده داود كل مذهب؛ حتى قال يوما: أئمة الحديث أربعة: كان عبد الله، ثم كان علقمة، ثم كان إبراهيم، ثم أنت يا داود.

وقال: تزوّجت أم داود، فما كان عندنا شيء ألفّه فيه، حتى اشتريت له كسوة بدانق «١» .

وقال زيد بن علي لابنه: يا بنيّ، إن الله لم يرضك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فحذّرنيك. واعلم أن خير الآباء للأبناء من لم يدعه الحبّ إلى التفريط، وخير الأبناء