أتاني بها يحيي وقد نمت نومة ... وقد غارت الشّعرى وقد خفق النّسر «١»
فقلت اصطبحها أو لغيري فأهدها ... فما أنا بعد الشّيب ويلك والخمر!
إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن ... له دون ما يأتي حياء ولا ستر
فدعه ولا تنكر عليه الذي أتى ... وإن جرّ أرسان الحياة له الدهر
فأعلمك أن الخمر هي التي لم تغل بها القدور.
[أدعياء النسك:]
وأما قول بعض الشعراء في شاربي النبيذ وما عابوهم به من قلة الوفاء ونقض العهد، فقد قالوا أقبح من ذلك في تارك النبيذ، قال حيص بيص:
ألا لا يغرنك ذو سجدة ... يظلّ بها دائما يخدع
[كأن بجبهته حيلة ... يسبّح طورا ويسترجع]
وما للتّقى لزمت وجهه ... ولكن ليأتي مستودع
ثلاثون ألفا حواها السّجود ... فليست إلى ربّها ترجع
وردّ أخو الكأس ما عنده ... وما كنت في ردّه أطمع
وقال آخر:
أمّا النّبيذ فلا يذعرك شاربه ... واحفظ ثيابك ممن يشرب الماء
قوم يورّون عما في نفوسهم ... حتى إذا استمكنوا كانوا هم الدّاء
مشمّرين إلى أنصاف سوقهم ... هم الذّئاب وقد يدعون قرّاء
وقال أعرابيّ:
صلّى فأزعجني وصام فراعني ... نحّ القلوص عن المصلّي الصائم!
وقال:
شمّر ثيابك واستعدّ لقائل ... واحكك جبينك للقضاء بثوم