قل للكرام ببابنا يلجوا ... ما في التصابي على الفتى حرج «١»
فنزل عبد الله عن دابته، ودخل على القوم بلا إذن؛ فلما رأوه قاموا إليه إجلالا ورفعوا مجلسه؛ ثم أقبل عليه صاحب المنزل، فقال: يا بن عم رسول الله دخلت منزلنا بلا إذن، وما كنت لهذا بخليق! فقال عبد الله: لم أدخل إلا بإذن! قال: ومن أذن لك؟ قال: قينتك هذه؛ سمعتها تقول:
قل للكرام ببابنا يلجوا
فولجنا، فإن كنا كراما فقد أذن لنا، وإن كنا لئاما خرجنا مذمومين! فضحك صاحب المنزل، وقال صدقت جعلت فداك! ما أنت إلا من أكرم الأكرمين. ثم بعث عبد الله إلى جارية من جواريه، فقال لها: غني فغنت، فطرب القوم، وطرب عبد الله؛ فدعا بثياب وطيب فكسا القوم وصاحب المنزل وطيّبهم ووهب له الجارية، وقال له: هذه أحذق بالغناء من جاريتك.
[أخبار ابن أبي عتيق]
[هو وعائشة]
: ذكر رجل من أهل المدينة أنّ ابن أبي عتيق- وهو عبد الله بن محد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق- دخل على عائشة أم المؤمنين- وهي عمته- فوضع رأسه في حجرها- أو على ركبتها- ثم رفع عقيرته يتغني:
ومقيّر حجل جررت برجله ... بعد الهدؤ له قوائم أربع
فاطرب زمان اللهو من زمن الصّبا ... وانزع إذا قالوا أبي لا ينزع
فليأتينّ عليك يوما مرّة ... يبكي عليك مقنّعا لا تسمع