فأشبه منه صولته ومضاءه، وأما البحر الزاخر فأشبه منه جوده وعطاءه، وأما القمر الباهر فأشبه منه نوره وضياءه، وأما الربيع الناضر فأشبه منه حسنه وبهاءه. ثم نزل.
[بين عبد الملك وذي حاجة:]
قال عبد الملك بن مروان لرجل دخل عليه: تكلم بحاجتك. قال: يا أمير المؤمنين، بهر «١» الدرجة وهيبة الخلافة يمنعاني من ذلك. قال: فعلى رسلك، فإنا لا نحبّ مدح المشاهدة، ولا تزكية اللقاء. قال: يا أمير المؤمنين، لست أمدحك، ولكن أحمد الله على النعمة فيك. قال: حسبك فقد أبلغت.
ودخل رجل على المنصور، فقال له: تكلّم بحاجتك. فقال: يبقيك الله يا أمير المؤمنين. قال: تكلّم بحاجتك، فإنك لا تقدر على هذا المقام كل حين. قال والله يا أمير المؤمنين، ما أستقصر أجلك، ولا أخاف بخلك، ولا أغتنم مالك؛ وإنّ عطاءك لشرف، وإن سؤالك لزين، وما لامريء بذل وجهه إليك نقص ولا شين. قال:
فأحسن جائزته وأكرمه.
[بين المأمون والعماني:]
حدّث إبراهيم بن السّندي قال: دخل العمانيّ على المأمون، وعليه قلنسوة طويلة وخف ساذج، فقال له: إيّاك أن تنشدني إلّا وعليك عمامة عظيمة الكور «٢» وخفان رائقان. قال: فغدا عليه في زي الأعراب فأنشده، ثم دنا فقبّل يده وقال: قد والله يا أمير المؤمنين أنشدت يزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد، ورأيت وجوههما، وقبّلت أيديهما، وأخذت جوائزهما؛ وأنشدت مروان وقبّلت يده وأخذت جائزته، وأنشدت المنصور ورأيت وجهه وقبّلت يده وأخذت جائزته، وأنشدت المهديّ ورأيت وجهه وقبلت يده وأخذت جائزته، إلى كثير من أشباه الخلفاء، وكبراء الأمراء والسادة الرؤساء، فلا والله يا أمير المؤمنين ما رأيت فيهم أبهى منظرا، ولا أحسن وجها، ولا