استمرأ الحارّ ولم يستمرىء البارد؛ ومن رطب بدنه كله أو معدته استمرأ الأطعمة الجافة ولم يستمرىء الرطبة؛ وم عرض له اليبس خلاف ذلك.
فقد بان بما ذكرناه ان الاطعمة اللطيفة والمتوسطة في نفسها سريعة الانهضام وقد يجوز ان تكون الاطعمة الغليظة أسرع انهضاما في بعض الابدان أيضا؛ فقشر الخبز المحكم، ولحم الدجاج، والفراريج، والدراج، والحجل، وكبود الاوز، واجنحتها- سريعة الهضم.
وفي الجملة الجناح من كل طائر أسرع انهضاما من سائره، وليس في الطير كلها أسرع انهضاما من المواشي؛ وكل ما كان من الحيوان يابسا فصغيره أسرع انهضاما؛، وكذلك لحم العجاجيل «١» أسرع من لحم البقر، ولحم الجدي الحولي اسرع انهضاما من لحم المسن من الماعز؛ وكل ما كان من الحيوان أرطب فكبيره من قبل أن يسن أسرع انهضاما من صغيره؛ الا ترى ان الحولي من الضأن اسرع انهضاما من الخروف؟ وكل ما كان مرعاه من المواضع اليابسة كان اسرع انهضاما مما مرعاه في المواضع الرطبة؛ وكل ما كان جرمه «٢» متخلخلا فهو أسرع انهضاما مما كان جرمه متلزّزا، ولذلك كان الجوز أسرع انهضاما من البندق، والبيض الحارّ أمرأ من البيض البارد، والشراب الحلو أمرأ من العفص «٣» .
[الاطعمة البطيئة الانهضام]
إنما يعسر الانهضام من الطبيعة في الطعام إذا كان يابسا، او صلبا، او لزجا، او متلزّزا «٤» ، او كثير الدسم، أو كثير الفضول، أو كريه الطعم، أو الحرافة فيه مفرطة، او البرد، او الحر، او مخالفا للمزاج الطبيعي إذا لم يشته.