فاطلب إلى ملك الملوك ولا تكن ... بادي الضراعة طالبا من طالب
[بين سعيد بن مسلم وأبي هفان في الحجاب]
: سعيد بن مسلم، قال: كنت واليا بإرمينية، فغبر «١» أبو هفان أياما ببابي. فلما وصل إليّ مثل قائما بين السماطين وقال: والله إني لأعرف أقواما لو علموا أن سفّ التراب يقيم من أود «٢» أصلابهم لجعلوه مسكة لأرماقهم إيثارا للتنزه عن عيش رقيق الحواشي. أما والله إني لبعيد الوثبة، بطيء العطفة. إنه والله لا يثنيني عنك إلا ما يصرفك عني، ولأن أكون مقلا مقرّبا أحبّ إليّ من أن أكون مكثرا مبعدا؛ والله ما نسأل عملا لا نضبطه، ولا مالا إلا ونحن أكثر منه؛ وهذا الأمر الذي قد صار إليك وفي يديك قد كان في يدي غيرك، فأمسوا والله حديثا، إن خيرا فخير إن شرا فشر. فتحبب إلى عباد الله بحسن البشر ولين الجانب وتسهيل الحجاب، فإن حبّ عباد الله موصول بحب الله، وبغضهم موصول ببغضه، لأنهم شهداء الله على خلقه، ورقباؤه على من اعوجّ عن سبيله.
[بين أبي مسهر وابن عبد كان]
: أبو مسهر قال: أتيت أبا جعفر محمد بن عبد الله بن عبد كان فحجبني، فكتبت إليه:
إنّي أتيتك للتّسليم أمس فلم ... تأذن عليك لي الأستار والحجب
وقد علمت بأني لم أردّ ولا ... والله ما ردّ إلا العلم والأدب
فأجابني ابن عبد كان، فقال:
لو كنت كافأت بالحسنى لقلت كما ... قال ابن أوس وفيما قاله أدب «٣»
«ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا ... إنّ السماء ترجّي حين تحتجب»