قال بعض من يرى رأي الشعوبية فيما يردّ به على ابن قتيبة في تباين الناس وتفاضلهم، والسيد منهم والمسّود.
إننا نحن لا ننكر تباين الناس ولا تفاضلهم، ولا السيد منهم والمسود، والشريف والمشروف؛ ولكنا نزعم أنّ تفاضل الناس فيما بينهم ليس بآبائهم ولا بأحسابهم، ولكنه بأفعالهم وأخلاقهم وشرف أنفسهم وبعد هممهم؛ ألا ترى أنه من كان دنيء الهمة، ساقط المروءة، لم يشرف وإن كان من بني هاشم في ذؤابتها، ومن أمية في أرومتها، ومن قيس في أشرف بطن منها؛ إنما الكريم من كرمت أفعاله، والشريف من شرفت همته؛ وهو معنى حديث النبي عليه الصلاة والسّلام:«إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» . وقوله في قيس بن عاصم:«هذا سيد أهل الوبر» . إنما قال فيه لسؤدده في قومه بالذب عن حريمهم، وبذله رفده لهم: ألا ترى أن عامر بن الطفيل كان في أشرف بطن في قيس يقول:
وإني وإن كنت ابن سيّد عامر ... وفارسها المشهور في كلّ موكب
فما سوّدتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب
وقال قس بن ساعدة: لأقضينّ بين العرب بقضية لم يقض بها أحد قبلي ولا يردّها أحد بعدي: أيما رجل رمى رجلا بملامة دونها كرم، فلا لؤم عليه، وأيما رجل ادّعى كرما دونه لؤم فلا كرم له.
ومثله قول عائشة أم المؤمنين: كل كرم دونه لؤم فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه