للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لرجل من البادية يذمر قومه]

: وجنى قوم من أهل اليمامة «١» جناية، فأرسل السلطان إليهم جندا من محاربة بن زياد. فقام رجل من أهل البادية يذمّر أصحابه فقال: يا معشر العرب، ويا بني المحصنات، قاتلوا عن أحسابكم وأنسابكم؛ فو الله لئن ظهر هؤلاء عليكم لا يدعون بها لبنة حمراء ولا نخلة خضراء إلا وضعوها بالأرض، ولا عتراكم من نشّاب معهم في جعاب كأنها أيور الفيلة ينزعون في قسّي كأنها الغبط «٢» ، تئطّ «٣» إحداهن أطيط الزّرنوق «٤» ، يمعط «٥» أحدهم فيها حتى يتفرّق شعر إبطيه، ثم يرسل نشّابة كأنها رشاء منقطع، فما بين أحدكم وبين أن تنفضخ عينه أو ينصدع قلبه منزلة. فخلع قلوبهم فطاروا رعبا.

[مشاورة المهدي لأهل بيته في حرب خراسان]

هذا ما تراجع فيه المهديّ ووزراؤه، وما دار بينهم من تدبير الرأي في حرب خراسان، أيام تحاملت عليهم العمال وأعنفت، فحملتهم الدالة وما تقدّم لهم من المكانة على أن نكثوا بيعتهم، ونقضوا موثقهم، وطردوا العمال، والتووا بما عليهم من الخراج. وحمل المهديّ ما يحب من مصلحتهم ويكره من عنتهم على أن أقال عثرتهم «٦» ، واغتفر زلّتهم، واحتمل دالّتهم؛ تطوّلا بالفضل، واتساعا بالعفو، وأخذا بالحجة، ورفقا بالسياسة؛ ولذلك لم يزل مذ حمّله الله أعباء الخلافة، وقلّده أمور