فريخ من الحمر الحواصل ما اكتسى ... من الريش حتى ضمّه الموت والقبر
إذا قلت أسلو عنه هاجت بلابل ... يجدّدها فكر يجدده ذكر
وأنظر حولي لا أرى غير قبره ... كأنّ جميع الأرض عندي له قبر
أفرخ جنان الخلد طرت بمهجتي ... وليس سوى قعر الضريح لها وكر
وقالت أعرابية ترثي ولدها:
يا قرحة القلب والأحشاء والكبد ... يا ليت أمّك لم تحبل ولم تلد
لما رأيتك قد أدرجت في كفن ... مطيّبا للمنايا آخر الأبد
أيقنت بعدك أنّي غير باقية ... وكيف يبقى ذراع زال عن عضد «١»
[لأعرابي في ابنين له:]
توفى ابن لأعرابي فبكى عليه حينا، فلما همّ أن يسلو عنه توفى له ابن آخر، فقال في ذلك:
إن أفق من حزن هاج حزن ... ففؤادي ماله اليوم سكن
وكما تبلى وجوه في الثّرى ... فكذا يبلى عليهنّ الحزن «٢»
وقال في ذلك:
عيون قد بكينك موجعات ... أضرّ بها البكاء وما ينينا «٣»
إذا أنفدن دمعا بعد دمع ... يراجعن الشئون فيستقينا
أبو عبيد البجلي قال: وقفت أعرابية على قبر ابن لها يقال له عامر، فقالت:
أقمت أبكيه على قبره ... من لي من بعدك يا عامر
تركتني في الدار لي وحشة ... قد ذلّ من ليس له ناصر
وقالت فيه:
هو الصبر والتسليم لله والرضا ... إذا نزلت بي خطة لا أشاؤها