وجاورت قوما ليس بيني وبينهم ... أواصر إلا دعوة وبطون «١»
إذا ما دعا باسمي العريف أجبته ... إلى دعوة ممّا عليّ يهون
لأزدعمان بالمهلّب نزوة ... إذا افتخر الأقوام ثم تلين «٢»
وبكر يرى أن النّبوة أنزلت ... على مسمع في البطن وهو جنين
وقالت تميم لا نرى أنّ واحدا ... كأحنفنا حتّى الممات يكون
فلا لمت قيسا بعدها في قتيبة ... إذا افتخروا إنّ الفخار فنون
ردّ ابن قتيبة على الشعوبية
قال ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب:
وأمّا أهل التسوية فإن منهم قوما أخذوا ظاهر بعض الكتاب والحديث، فقضوا به ولم يفتشوا عن معناه، فذهبوا إلى قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ
«٣» وقوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ
«٤» وإلى قول النبي عليه الصلاة والسّلام في خطبته في حجة الوداع: أيها الناس، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بالآباء. ليس لعربي على عجمي فخر إلا بالتقوى، كلكم لآدم وآدم من تراب.
وقوله: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم.
وإنما المعنى في هذا أن الناس كلهم من المؤمنين سواء في طريق الأحكام والمنزلة عند الله عز وجل والدار الآخرة.
لو كان الناس كلهم سواء في أمور الدنيا ليس لأحد فضل إلا بأمر الآخرة، لم يكن في الدنيا شريف ولا مشروف ولا فاضل ولا مفضول؛ فما معنى قوله صلّى الله عليه وسلم «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» . وقوله صلّى الله عليه وسلم: «اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم» . وقوله صلّى الله عليه وسلم في قيس بن عاصم: «هذا سيد الوبر» . «٥» وكانت العرب تقول: لا يزال الناس بخير ما