فهذا كان شأن العرب والعجم في جاهليتها. فلما أتى الله بالإسلام كان للعجم شطر الإسلام؛ وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث إلى الأحمر والأسود من بني آدم، وكان أوّل من تبعه حرّ وعبد واختلف الناس فيهما، فقال قوم: أبو بكر وبلال، وقال قوم:
عليّ وصهيب.
ولما طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدم صهيبا على المهاجرين والأنصار فصلى بالناس وقيل له: استخلف. فقال: ما أجد من أستخلف. فذكر له الستة من أهل حراء، فكلهم طعن «١» عليه، ثم قال: لو أدرك سالما مولى أبي حذيفة حيا لما شككت فيه. فقال في ذلك شاعر العرب:
هذا صهيب أمّ كلّ مهاجر ... وعلا جميع قبائل الأنصار
لم يرض منهم واحد لصلاتنا ... وهم الهداة وقادة الأخيار
هذا ولو كان المثرّم سالم ... حياّ لنال خلافة الأمصار
ما بال هذي العجم تحيا دوننا ... إن الغويّ لفي عمى وخسار «٢»
وقال بجير يعيّر العرب باختلافها في النسب واستلحاقها للأدعياء:
زعمتم بأن الهند أولاد خندف ... وبينكم قربى وبين البرابر
وديلم من نسّل ابن ضبّة باسل ... وبرجان من أولاد عمرو بن عامر
فقد صار كلّ الناس أولاد واحد ... وصاروا سواء في أصول العناصر
بنو الأصفر الأملاك أكرم منكم ... وأولى بقربانا ملوك الأكاسر «٣»
أتطمع في صهري دعياّ مجاهرا ... ولم تر سترا من دعيّ مجاهر
وتشتم لؤما رهطه وقبيله ... وتمدح جهلا طاهرا وابن طاهر
وقد ذكرت هذا الشعر تامّا في كتاب النساء والأدعياء والنجباء.
وقال الحسن بن هانيء على مذهب الشعوبية: