للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلبثت قليلا ثم جاءني ومعه قارورة فيها دهن ومعه قلائد، فقال: هذا دهن طيب أتحفنا به، وهذه قلائد للجؤذر؛ ولا واللَّه ما أقلدهن بعيرا أبدا! وشدّ بهن ذوائب سيفه، وانصرفنا؛ فكنا نختلف إليها حتى انقضى الربيع ودعا الناس المصيف؛ فأتاني فقال: هيا عصمة، رحلت ولم يبق إلا الآثار والرسوم من الديار! وأنشدني:

ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى ... ولا زال منهلّا بجرعائك القطر

[المأمون ويحيى بن أكثم]

خرج المأمون في يوم عيد وقد ركب الجند أمامه، ومعه يحيى بن أكثم يضاحكه ويحادثه، وإذ نظر إلى غلام من الجند في غاية الفراهة «١» ، عليه ثوب حرير أخضر، وثوب موشى مزرّر بالذهب، فالتفت إلى يحيى بن أكثم فقال له: يا يحيى، ما تقول في هذه البضاعة؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا لقبيح من إمام مثلك مع فقيه مثلي! قال: فمن الذي يقول:

قاض يرى الحدّ في الزّناء ولا ... يرى على من يلوط من باس «٢»

فقال: دعبل الذي يقول:

ولا أرى الجور ينقضي وعلى العامّة وال لآل عباس قال: ينفى إلى السند، وإنما داعبناك. ثم أنشأ المأمون يقول:

أيها الراكب ثوبا ... هـ حرير وحديد

جئت للعبد وفي وج ... هك للأعين عيد

أنت جندي ولكن ... فيك للحسن جنود

[الفضل والأمين]

الفضل بن الربيع قال: قعد المخلوع للناس يوما وعليه طيلسان «٣» أزرق، وتحته