رجليه أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وأدخلت عليه الأموال التي جاءت من قبل الحجاج حتى وضعت بين يديه، فقال: هذا والله التوفير، وهذه الأمانة؛ لا ما فعل هذا- وأشار إلى خالد- استعملته على العراق فاستعمل كل ملطّ «١» فاسق فأدّوا إليه العشرة واحدا، وأدّى إليّ من العشرة واحدا! واستعملت هذا على خراسان- وأشار إلى أمية- فأهدى إليّ برذونين حطمين «٢» ، فإن استعملتكم ضيعتم وإن عزلتكم قلتم استخف بنا وقطع أرحامنا! فقال خالد بن عبد الله: استعملتني على العراق وأهله رجلان: سامع مطيع مناصح، وعدو مبغض مكاشح؛ فأما السامع المطيع المناصح فإنا جزيناه ليزداد ودّا إلى ودّه، وأما المبغض المكاشح، فإنا داريناه ضغنه وسللنا حقده، وكثرنا لك المودة في صدور رعيتك؛ وإن هذا جبى الأموال وزرع لك البغضاء في قلوب الرجال؛ فيوشك أن تنبت البغضاء فلا أموال ولا رجال! فلما خرج ابن الأشعث قال عبد الملك: هو والله ما قال خالد.
[خالد بن يزيد ومحمد بن عمرو:]
قدم محمد بن عمرو بن سعيد بن العاص الشام، فأتى عمته آمنة بنت سعيد بن العاص، وكانت عند خالد بن يزيد بن معاوية، فدخل عليه فرآه فقال له: ما يقدم علينا أحد من أهل الحجاز إلا اختار المقام عندنا على المدينة. فظن محمد أنه يعرّض به، فقال: وما يمنعهم وقد قدم من المدينة قوم على النواضح «٣» ، فنكحوا أمّك، وسلبوك ملكك، وفرّغوك لطلب الحديث وقراءة الكتب ومعالجة ما لا تقدر عليه.
يعني الكيميا، وكان يعملها.
[عثمان وابن العاص بعد عزله عن مصر:]
لما عزل عثمان بن العاص عن مصر وولاها عبد الله بن أبي سرح، دخل عليه عمرو وعليه جبة، فقال له: ما حشو جبّتك يا عمرو؟ قال: أنا! قال: قد علمت أنك فيها.
ثم قال: أشعرت يا عمرو أن الّلقاح درّت بعدك ألبانها بمصر؟ قال: لأنكم أعجفتم «٤» أولادها.