فأما السمك الصلب اللزج فإنه غليظ لاجتماع الصلابة واللزوجة فيه.
وأما الآذان والشّفاه وأطراف العضو، فإنها تولد كيموسا لزجا ليس بالغليظ وقد تولد ما يعرض من الأغذية الباردة عن هضمها وتلطيفها، كالذي يعرض من أكل الفاكهة قبل نضجها، ومن أكل الخيار والقثاء، وشحم الأترج واللبن الحامض.
فهذه الأطعمة الغليظة كلها إن صادفت بدنا حارا كثير التعب قليل الطعام كثير النوم بعيد الطعام انهضمت وغذت البدن غذاء كثيرا نافعا، وقوّته تقوية كثيرة.
وأحمد ما تستعمل هذه الأغذية في الشتاء، لاجتماع الحرارة في باطن البدن وطول النوم؛ ومتى أحس أحد في نومه نقصانا بيّنا وأكلها من يجد الحرارة في بدنه قليلة ولا سيما في معدته، ومن تعبه قليل ونومه بعد الطعام قليل- لم يستحكم انهضامها، وتولد منها في البدن كيموس غليظ حار يابس، يتولد منه سدة في الكبد والطحال؛ فلذلك ينبغي لمن أكل طعاما غليظا من غير حاجة إليه لعلة أو شهوة أن يقلّ منه ولا يعوّده، ولا يدمنه.
وما كان من الأطعمة الغليظة له مع غلظه لزوجة، فهو أغذاها للبدن؛ فإن لم ينهضم فهو أكثرها توليدا للسدد.
[الأطعمة المتوسطة بين اللطيفة والغليظة]
تصلح لمن كان بدنه معتدلا صحيحا، ولم يكن تعبه كثيرا؛ وأجود الأغذية له المتوسطة، لأنها لا تنهكه ولا تضعفه كاللطيفة، ولا تولد خاما «١» ولا سددا كالغليظة.