أسيّدتي هاتي- فديتك- ما جرمي ... فأنزل فيما تشتهين من الحكم
كفاك بحقّ الله ما قد ظلمتني ... فهذا مقام المستجير من الظلم
وقيل لصريغ الغواني: أنشدنا فأنشأ يقول:
قد اطّلعت على سرّي وإعلاني ... فاذهب لشأنك ليس الجهل من شاني
إنّ التي كنت أرجو قصد سيرتها ... أعطت رضا وأطاعت بعد عصيان
ثم قيل للحسن بن هانىء: أنشدنا. فأنشد:
يا ابنة الشيخ اصبحينا ... ما الذي تنتظرينا
قد جرى في عوده الما ... ء فأجري الخمر فينا
قيل: هذا الهزل. فهات الجد. فأنشأ:
لمن طلل عاري المحلّ دفين ... عفا عهده إلا روائم جون «١»
كما افترقت عند المبيت حمائم ... غريبات ممسى ما لهنّ وكون»
ديار التي أمّا جنى رشفاتها ... فخلو وأما مسّها فيلين
وما أنصفت، أمّا الشّحوب فظاهر ... بوجهي، وأما وجهها فمصون
فقام صريغ الغواني يجر ذيله، وخرج وهو يقول: إن هذا مجلس ما جلسته أبدا.
[الرشيد والمأمون في الصلاة على موتي]
هشام بن عبد الملك الخزاعي قال: كنا بالرّقة مع هارون الرشيد، فكتب إليه صاحب الخبر بموت الكسائي، وإبراهيم الموصلي، والعباس بن الاحنف، في وقت واحد؛ فقال لابنه المأمون: اخرج فصلّ عليهم. فخرج المأمون في وجوه قواده وأهل خاصته، وقد صفّوا له. فقالوا له: من ترى أن يقدم؟ قال: الذي يقول:
يا بعيد الدّار عن وطنه ... هائما يبكي على شجنه «٣»