فبلغ ذلك عليّ بن الحسين، فقال: عليّ به. فأتيته فقصصت عليه القصة، فقال: إنّ لذنبك توبة: ضم شهرين متتابعين، وأعتق رقبة مؤمنة، وأطعم ستين مسكينا. ففعلت.
ثم خرجت أريد عبد الملك وقد بلغه أني أتلفت المال، فأقمت ببابه أياما لا يؤذن لي بالدخول، فجلست إلى معلم لولده، وقد حذق ابن لعبد الملك عنده، وهو يعلّمه ما يتكلم به بين يدي أمير المؤمنين إذا دخل عليه، فقلت لمؤدّبه: ما تأمل من أمير المؤمنين أن يصلك به؛ فلك عندي ذلك على أن تكلّم الصبيّ إذا دخل على أمير المؤمنين، فإذا قال له: سل حاجتك، يقول له: حاجتي أن ترضى عن الزهري. ففعل، فضحك عبد الملك وقال: أين هو؟ قال: بالباب. فأذن لي فدخلت، حتى إذا صرت بين يديه، قلت: يا أمير المؤمنين، حدّثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» .
وقعة الحرّة
أبو اليقظان قال: لما حضرت معاوية الوفاة دعا يزيد، فقال: إن لك من أهل المدينة يوما، فإذا فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة، فإنه رجل قد عرفنا نصيحته.
فلما كان سنة ثلاث وستين، قدم عثمان بن محمد بن أبي سفيان المدينة عاملا عليها ليزيد بن معاوية، وأوفد على يزيد وفدا من رجال المدينة، فيهم عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، ومعه ثمانية بنين، فأعطاه مائة ألف، وأعطى بنيه كلّ رجل منهم عشرة آلاف، سوى كسوتهم وحملانهم «١» ؛ فلما قدم عبد الله بن حنظلة المدينة، أتاه الناس فقالوا: ما وراءك؟
قال: أتيتكم من عند رجل والله لو لم أجد إلا بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم! قالوا: فإنه قد بلغنا أنه أكرمك وأجازك وأعطاك!