وهذا كله نافع لمن احتاج إلى فتح السدد التي في الكبد، والطحال، والصدر والدماغ، وتقطيع البلغم وترقيقه.
ولا ينبغي لأحد أن يكثر استعماله، لأنه يرقق الدم أولا ويصيره مائيا، فيقل لذلك غذاء البدن ويضعف، ثم إنه يسخن البدن سخونة مفرطة، فيصير أكثره مرة صفراء، ثم إنه بعد ذلك إذا تمادى مستعمله في استعماله حلل لطيف الدم وترك غليظه، فصار أكثره مرة سوداء، وربما تولد من ذلك حجارة في الكلى؛ ومضرة هذا الصنف أشد ما تكون على من كانت المرة الصفراء غالبة عليه.
والصنف الثالث: يذهب ويلطف بملوحته، كالمري «١» وما لان لحمه وقل شحمه من السمك إذا ملح، والسلق، وماء الجبن، وكلّ ما جعل فيه من الأطعمة الملح، والمري، البورق.
ومنافع هذا الصنف ومضاره قريبة من منافع الأشياء الحريفة ومضارّها، إلا أن هذا الصنف في تنقية المعدة والأمعاء وتليين الطبيعة أبلغ.
والصنف الرابع: يقطع ويلطف بحموضته، كالخل، والسكنجبين، وحماض «٢» الأترجّ، وماء الرمان الحاض، وكل ما يتخذ بها من الأطعمة.
وهذا الصنف نافع لمن كانت معدته وسائر بدنه حارا إذا تولد فيه بلغم من غلظ ما يتناول من الأغذية ومن كثرتها.
[الاطعمة الغليظة في نفسها الملطفة لغيرها]
منها: البصل، والجزر، والفجل، والسلجم «٣» ، وما أشبه ذلك.
فهذه الأطعمة في نفسها غليظة وتلطّف ما تلقى من الشيء الغليظ بما فيها من الحدّة