ومثله قول محمد بن يزيد النحوي المعروف بالمبرّد في كتاب الروضة وأدرك على الحسن بن هانيء قوله:
وما لبكر بن وائل عصم ... إلا لحمقائها وكاذبها «١»
فزعم أنه أراد بحمقائها هبنّقة القيس، ولا يقال في الرجل حمقاء، وإنما أراد دغة العجلية، وعجل في بكر، وبها يضرب المثل في الحمق.
[باب من مقاطع الشعر ومخارجه]
اعلم بأنك متى ما نظرت بعين الإنصاف، وقطعت بحجة العقل، علمت أن لكل ذي فضل فضله، ولا ينفع المتقدم تقدّمه، ولا يضرّ المتأخر تأخّره؛ فأما من أساء النظم ولم يحسن التأليف فكثير، كقول القائل:
شرّ يوميها وأغواه لها ... ركبت هند بحدج جملا «٢»
شرّ يوميها، نصب على الحال، وإنما معناه: ركبت هند جملا بحدج في شرّ يوميها.
وكقول الفرزدق:
وما مثله في الناس إلا مملّكا ... أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه
معناه: ما مثل هذا الممدوح في الناس إلا الخليفة الذي هو خاله، فقال:
أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه
فبّعد المعنى القريب، ووعّر الطريق السهل، ولبّس المعنى بتوعّر اللفظ وقبح البنية حتى ما يكاد يفهم.