العتبي عن أبيه قال: وفد عبد العزيز بن زرارة على معاوية وهو سيّد أهل الكوفة. فلما أذن له وقف بين يديه، وقال: يا أمير المؤمنين، لم أزل أهز ذوائب الرّحال إليك؛ إذ لم أجد معوّلا إلا عليك، امتطى الليل بعد النهار، وأسم المجاهل بالآثار، يقودني إليك أمل، وتسوقني بلوى، والمجتهد يعذر، وإذ بلغتك فقطني.
فقال معاوية: احطط عن راحلتك رحلها.
وخرج عبد العزيز بن زرارة مع يزيد بن معاوية إلى الصائفة، فهلك هناك؛ فكتب به يزيد بن معاوية إلى معاوية، فقال لزرارة: أتاني اليوم نعي سيد شباب العرب. قال زرارة: يا أمير المؤمنين، هو ابني أو ابنك. قال: بل ابنك. قال:
للموت ما تلد الوالدة.
أخذه سابق البربري فقال:
وللموت تغذو الولدات سخالها ... كما لخراب الدهر تبنى المساكن
وقال آخر:
للموت يولد منّا كلّ مولود ... لا شيء يبقى ولا يفنى بموجود
[وفود عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية]
المدائني قال: قدم عبد الله بن جعفر على يزيد بن معاوية، فقال له: كم كان عطاؤك؟ فقال له: ألف ألف. قال: قد أضعفناها لك. قال: فداك أبي وأمي وما قلتها لأحد قبلك! قال: أضعفناها لك ثانية. فقيل ليزيد: أتعطي رجلا واحدا أربعة آلاف ألف؟ فقال: ويحكم، إنما أعطيتها أهل المدينة أجمعين، فما يده فيها إلّا عارية.
فلما كان في السنة الثانية قدم عبد الله بن جعفر، وقدم مولى له يقال له نافع،