ولو لم يكن من فضائل الشعر إلا انه أعظم الوسائل عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ...
فمن ذلك أنه قال لعبد الله بن رواحة: أخبرني ما الشعر يا عبد الله؟ قال:
شيء يختلج في صدري فينطق به لساني. قال: فأنشدني. فأنشده شعره الذي يقول فيه:
فثبّت الله ما آتاك من حسن ... قفوت عيسى بإذن الله والقدر
فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: وإياك ثبّت الله، وإياك ثبّت الله، وإياك ثبّت الله.
[شعر قتيلة بنت الحارث]
ومن ذلك ما رواه ابن اسحاق صاحب المغازي وابن هشام: قال ابن اسحاق: لما نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصفراء «١» - قال ابن هشام: الأثيل «٢» - أمر عليا فضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف صبرا بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت أخته قتيلة بنت الحارث ترثيه:
يا راكبا إنّ الأثيل مظنّة ... من صبح خامسة وأنت موفّق
أبلغ بها ميتا بأنّ تحيّة ... ما إن تزال بها النجائب تخفق «٣»
منى عليك وعبرة مسفوحة ... جادت بواكفها وأخرى تخنق
هل يسمعنّ النّضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميّت لا ينطق
أمحمّد يا خير ضنء كريمة ... في قومها والفحل فحل معرق «٤»
ما كان ضرّك لو مننت وربما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق
والنضر أقرب من أسرت قرابة ... وأحقّهم إن كان عتقا يعتق