لا يموت؛ فاستمسكوا بدينكم، فمن ذهب له في هذه الرّدّة دينار أو درهم أو بعير أو شاة فله عليّ مثلاه! فما خالفه منهم رجل.
أما أحضر الناس جوابا فصعصعة بن صوحان، دخل على معاوية في وفد أهل العراق، فقال معاوية: مرحبا بكم يأهل العراق! قدمتم أرض الله المقدسة؛ منها المنشر وإليها المحشر، قدمتم على خير أمير، يبرّ كبيركم ويرحم صغيركم؛ ولو أن الناس كلها ولد أبي سفيان لكانوا حلماء عقلاء! فأشار الناس إلى صعصعة، فقام فحمد الله وصلى على النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم قال: أما قولك يا معاوية إنا قدمنا الأرض المقدّسة: فلعمري ما الأرض تقدس الناس، ولا يقدّس الناس إلا أعمالهم؛ وأما قولك منها المنشر وإليها لمحشر، فلعمري ما ينفع قربها ولا يضر بعدها مؤمنا؛ وأما قولك لو أن الناس كلهم ولد أبي سفيان لكانوا حلماء عقلاء، فقد ولدهم خير من أبي سفيان: آدم صلوات الله عليه؛ فمنهم الحليم والسفيه، والجاهل والعالم.
وأما أحلم الناس [فالأشجّ العبديّ] ، فإن وفد عبد القيس قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلم بصدقاتهم وفيهم الأشج، ففرّقه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو أول عطاء فرقه في أصحابه؛ ثم قال: يا أشج، ادن مني. فدنا منه، فقال: إن فيك خلتين يحبهما الله: الأناة، والحلم! وكفى برسول الله صلّى الله عليه وسلم شاهدا؛ ويقال: إنّ الأشج لم يغضب قط.
[جمرات العرب]
وهم بنو نمير بن عامر بن صعصعة؛ وبنو الحارث بن كعب بن علة بن جلد؛ وبنو ضبة بن أدّ بن طابخة؛ وبنو عبس بن بغيض. وإنما قيل لهذه القبائل جمرات لأنها تجمعت في أنفسها ولم يدخلوا معهم غيرهم. والتجمير: التجميع؛ ومنه قيل:
جمرة العقبة، لاجتماع الحصى فيها؛ ومنه قيل: لا تجمّروا المسلمين فتفتنوهم وتفتنوا نساءهم. يعني: لا تجمعوهم في المغازي.
وأبو عبيدة قال في كتاب التاج أطفئت جمرتان من جمرات العرب: بنو ضبة لأنها