إليك أن لا يزول عنك؛ فمن حبك لصديقك وضنك بمودته أن لا تبذل له ما يغنيه عنك، وأن تتلطف له فيما يحوجه إليك وقد قيل في مثل هذا: أجع كلبك يتبعك، وسمّنه يأكلك؛ فمن أغنى صديقه فقد أعانه على الغدر، وقطع أسبابه من الشكر؛ والمعين على الغدر شريك الغادر، كما أن مزيّن الفجور شريك الفاجر.
[من وصية الأسدي لبنيه]
: وقال يزيد بن عمر الأسدي لبنيه: يا بنيّ، تعلموا الردّ؛ فإنه أسدّ من العطاء ولأن تعلم بنو تميم أن عند أحدكم مائة ألف درهم، أعظم له في أعينهم من أن يقسمها عليهم؛ ولأن يقال لأحدكم بخيل وهو غني، خير له من أن يقال سخيّ وهو فقير.
وقال الحزامي: يقولون: ثوبك على صاحبك أحسن منه عليك؛ فما ظنك إن كان أقصر مني، أليس يتخيّل في قميصي؟ وإن كان أطول مني، أليس يصير آية للسابلين، فمن أسوأ أثرا على صديقه ممن جعله ضحكة؟ فما ينبغي لي أن أكسوه حتى أعلم أنه فيه مثلي؛ ومتى يتفق هذا؟
[أبو نواس وفقيه]
: وقال أبو نواس: كان معنا في السفينة ونحن نريد بغداد، رجل من أهل خراسان، وكان من فقهائهم وعقلائهم، وكان يأكل وحده، فقلت له: لم تأكل وحدك؟ فقال:
ليس عليّ في هذا مسألة؛ إنما المسألة على من أكل مع الجماعة لأنه يتكلف، وأكلي وحدي هو الأصل، وأكلي مع الجماعة تكلّف ما ليس عليّ.
ووقع درهم بيد سليمان بن مزاحم، فجعل يقلبه ويقول. في شق: لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ وفي شق آخر: قل هو الله أحد؛ ما ينبغي لهذا أن يكون إلا تعويذة ورقية! ورمي به في الصندوق.
وكان أبو عيسى بخيلا، وكان إذا وقع الدرهم بيده طنّه «١» بظفره وقال: يا درهم