يا ربّ إنّ الناس لا ينصفونني ... وكيف ولو أنصفتهم ظلموني
وإن كان لي شيء تصدّوا لأخذه ... وإن جئت أبغي سيبهم منعوني «١»
وإن نالهم بذلي فلا شكر عندهم ... وإن أنا لم أبذل لهم شتموني
وإن طرقتني نقمة فرحوا بها ... وإن صحبتني نعمة حسدوني
سأمنع قلبي أن يحنّ إليهم ... وأحجب عنهم ناظري وجفوني
[قيس بن زهير وغطفان:]
أبو عبيدة معمر بن المثنّى قال: مرّ قيس بن زهير ببلاد غطفان، فرأى ثروة وعددا، فكره ذلك، فقيل له: أيسوءك ما يسرّ الناس؟ قال: إنك لا تدري أنّ مع النعمة والثروة التحاسد والتخاذل، وأن مع القلة التحاشد والتناصر.
قال: وكان يقال: ما أثرى قوم قطّ إلا تحاسدوا وتجادلوا.
وقال بعض الحكماء: ألزم الناس كآبة أربعة: رجل حديد، ورجل حسود، وخليط الأدباء وهو غير أديب، وحكيم محقّر لدى الأقوام.
علي بن بشر المروزي قال: كتب إليّ ابن المبارك هذه الأبيات:
كلّ العداوة قد ترجى إماتتها ... إلا عداوة من عاداك من حسد
فإن في القلب منها عقدة عقدت ... وليس يفتحها راق إلى الأبد «٢»
إلّا الإله فإن يرحم تحلّ به ... وإن أباه فلا ترجوه من أحد
سئل بعض الحكماء: أي أعدائك لا تحبّ أن يعود لك صديقا؟ قال: الحاسد الذي لا يرده إلى مودتي إلا زوال نعمتي.
وقال سليمان التّيمي: الحسد يضعف اليقين، ويسهر العين، ويكثر الهمّ.
الأحنف بن قيس، صلى على حارثة بن قدامة السّعدي، فقال: رحمك الله، كنت