هل رأيت حزنا يحتج به، أو غفلة ينبّه عليها؟ قال: يا أمير المؤمنين، لو أن رجلا ترك تعزية رجل لعلمه وانتباهه لكنته، ولكن الله قضى أن الذكرى تنفع المؤمنين.
[عمر بن عبد العزيز في وفاة أخته:]
وتوفيت أخت لعمر بن عبد العزيز، فلما فرغ من دفنها دنا إليه رجل فعزاه، فلم يردّ عليه شيئا؛ ثم دنا إليه آخر فعزاه فلم يرد عليه شيئا، فلما رأى الناس ذلك أمسكوا عنه ومشوا معه؛ فلما بلغ الباب أقبل على الناس بوجهه وقال: أدركت الناس وهم لا يعزون بامرأة إلا أن تكون أمّا، انقلبوا رحمكم الله.
[لبعض الشعراء في التعزية:]
وجد في حائط من حيطان تبّع مكتوبا:
اصبر لدهر نال من ... ك فهكذا مضت الدّهور
فرح وحزن مرّة ... لا الحزن دام ولا السّرور
وهذا نظير قول العتابي:
وقائلة لمّا رأتني مسهّدا ... كأنّ الحشا مني تلذعه الجمر
أباطن داء أم جوى بك قاتل ... فقلت الذي بي ما يقوم له صبر
تفرق ألّاف وموت أحبّة ... وفقد ذوي الأفضال قالت كذا الدهر
كتب محمد بن عبد الله بن طاهر إلى المتوكل يعزيه بابن له:
إني أعزّيك لا أني على ثقة ... من الحياة ولكن سنّة الدّين
ليس المعزّى بباق بعد ميّته ... ولا المعزّي وإن عاشا إلى حين
وقال أبو عيينة:
فإن أشك من ليلى بجرجان طوله ... فقد كنت أشكو منه بالبصرة القصر
وقائلة ماذ نأى بك عنهم ... فقلت لها: لا علم لي فسلي القدر