ترى الغرّ السّوابق من قريش ... إذا ما الأمر بالحدثان عالا «١»
قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا
[يزيد والأخطل في هجاء الانصار]
ولما وقع التهاجي بين عبد الرحمن بن حسان وعبد الرحمن بن أم الحكم أرسل يزيد ابن معاوية إلى كعب بن جعيل، فقال له: إن عبد الرحمن بن حسان فضح عبد الرحمن ابن الحكم فاهج الانصاري. فقال: أرادّي أنت إلى الإشراك بعد الإيمان؟ لا أهجو قوما نصروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن أدلّك على غلام مناصري. فدله على الأخطل فأرسل إليه فهجا الأنصاري، وقال فيه:
ذهبت قريش بالمكارم كلّها ... واللؤم تحت عمائم الانصار
قوم إذا حضر العصير رأيتهم ... حمرا عيونهم من المسطار «٢»
وإذا نسبت إلى الفريعة خلته ... كالجحش بين حمارة وحمار
فدعو المكارم لستم من اهلها ... وخذوا مساحيكم بني النجار «٣»
وكان مع معاوية النعمان بن بشير الانصار، فلما بلغه الشعر أقبل حتى دخل على معاوية، ثم حسر العمامة عن رأسه وقال: يا معاوية، هل ترى من لؤوم؟ قال: ما أرى إلا كرما. قال: فما الذي يقول فينا عبد الأراقم:
ذهبت قريش بالمكارم كلّها ... واللؤم تحت عمائم الانصار!
قال قد حكمتك فيه. قال: والله لا رضيت إلا بقطع لسانه، ثم قال:
معاوي إلا تعطنا الحقّ تعترف ... لحي الازد مشدودا عليها العمائم
أيشتمنا عبد الاراقم ضلّة ... وما الذي تجدي عليك الاراقم «٤»
فمالي ثأر دون قطع لسانه ... فدونك من ترضيه عنك الدّراهم