الأصمعي قال: دخل أبو بكر الهجري على المنصور، فقال: يا أمير المؤمنين، نغض فمي، وأنتم أهل بيت بركة، فلو أذنت لي فقبّلت رأسك لعلّ الله كان يمسك على ما بقي من أسناني. قال: اختر بينها وبين الجائزة. فقال: يا أمير المؤمنين، إن أهون عليّ من ذهاب درهم من الجائزة ألّا تبقى في فمي حاكةّ. فضحك المنصور وأمر له بجائزة.
وقالوا: قبلة الإمام في اليد، وقبلة الأب في الرأس، وقبلة الأخ في الخد، وقبلة الأخت في الصدر، وقبلة الزوجة في الفم.
[باب الأدب في العيادة]
مرض أبو عمرو بن العلاء، فدخل عليه رجل من أصحابه، فقال له: أريد أن أساهرك الليلة. قال له: أنت معافى وأنا مبتلي، فالعافية لا تدعك أن تسهر، والبلاء لا يدعني أن أنام. وأسأل الله أن يهب لأهل العافية الشكر، ولأهل البلاء الصبر.
ودخل كثير عزّة على عبد العزيز بن مروان وهو مريض، فقال: لو أن سرورك لا يتمّ إلا بأن تسلم وأسقم لدعوت ربي أن يصرف ما بك إليّ، ولكن أسأل الله لك أيها الأمير العافية، ولي في كنفك النعمة. فضحك وأمر له بجائزة. فخرج وهو يقول:
ونعود سيّدنا وسيّد غيرنا ... ليت التّشكّي كان بالعوّاد
لو كان يقبل فدية لفديته ... بالمصطفى من طارفي وتلادي «١»
وكتب رجل من أهل الأدب إلى عليل:
نبّئت أنّك معتلّ فقلت لهم ... نفسي الفداء له من كلّ محذور