أصلحوا سرائركم تصلح لكم علانيتكم، وأصلحوا آخرتكم تصلح دنياكم، وإن امرأ ليس بينه وبين آدم أب حي لمعرق في الموت.
[وخطبة له رحمه الله]
وإن لكل سفر زادا لا محالة. فتزودوا [لسفركم] من دنياكم لآخرتكم التقوى، وكونوا كمن عاين ما أعد الله له من ثوابه وعقابه، فرهبوا ورغبوا. ولا يطولن عليكم الأمد، فتقسو قلوبكم وتنقادوا لعدوّكم. فإنه ما بسط أمل من لا يدري لعله لا بصبح بعد إمسائه أو يمسي بعد إصباحه. وربما كانت بين ذلك خطرات المنايا، وإنما يطمئن إلى الدنيا من أمن عواقبها. فإنّ من يداوي من الدنيا كلما أصابته جراحة من ناحية أخرى، فكيف يطمئن إليها؟ أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي؛ فنخسر صفقتي، وتظهر عيلتي، وتبدو مسكنتي، في يوم لا ينفع فيه إلا الحق والصدق.
ثم بكى وبكى الناس معه.
[خطبة لعمر بن عبد العزيز أيضا]
شبيب بن شيبة عن أبي عبد الملك قال كنت من حرس الخلفاء قبل عمر، فكنا نقوم لهم ونبدؤهم بالسلام؛ فخرج علينا عمر رضي الله عنه في يوم عيد وعليه قميص كتان وعمامة على قلنسوة لاطئة «١» ، فمثلنا بين يديه وسلمنا عليه، فقال: مه! أنتم جماعة وأنا واحد؛ السلام عليّ والردّ عليكم، وسلم، فرددنا، وقرّبت له دابته، فأعرض عنها، ومشى ومشينا حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم قال: وددت أنّ أغنياء الناس اجتمعوا فردّوا على فقرائهم، حتى نستوي نحن بهم، وأكون أنا أولهم. ثم قال: مالي وللدنيا؟ أم مالي ولها وتكلم فأرقّ حتى بكى الناس جميعا يمينا وشمالا، ثم قطع كلامه ونزل؛ فدنا منه رجاء بن حيوة