فلا غيمها يصحو فييئس طامعا ... ولا ماؤها يأتي فتروى عطاشها
[بين بشار وسلم]
: وقال سعيد بن سلم: وعد أبي بشارا العقيلي حين مدحه بالقصيدة التي يقول فيها:
صدّت بخدّ وجلت عن خدّ ... ثم انثنت كالنّفس المرتدّ «١»
فكتب إليه بشار بالغد:
ما زال ما منّيتني من همّي ... الوعد فأرح من غمّي
إن لم ترد مدحي فراقب ذمّي
فقال له أبي: يا أبا معاذ، هلا استنجزت الحاجة بدون الوعيد! فإذا لم تفعل فتربّص ثلاثا وثلاثا؛ فإني والله ما رضيت بالوعد حتى سمعت الأبرش الكلبي يقول لهشام: يا أمير المؤمنين؛ لا تصنع إليّ معروفا حتى تعدني؛ فإنه لم يأتني منك سيب «٢» على غير وعد إلا هان عليّ قدره وقلّ مني شكره. فقال له هشام: لئن قلت ذلك لقد قاله سيد أهلك أبو مسلم الخولاني: «إن أوقع المعروف في القلوب، وأبرده على الأكباد معروف منتظر، بوعد لا يكدّره المطل» .
[يحيى بن خالد وقضاء الحوائج]
: وكان يحيى بن خالد بن برمك لا يقضي حاجة إلا بوعد، ويقول: من لم يبت على سرور الوعد لم يجد للصنيعة طعما.
وقالوا: الخلف ألأم من البخل لأنه من لم يفعل المعروف لزمه ذمّ اللؤم وحده، ومن وعد وأخلف لزمه ثلاث مذمّات: ذمّ اللؤم، وذمّ الخلف، وذمّ الكذب.