العتبي قال: تنازع إبراهيم بن المهديّ هو وبختيشوع الطبيب بين يدي أحمد بن أبي دواد القاضي في مجلس الحكم في عقار بناحية السّواد؛ فزرى عليه ابن المهدي وأغلظ له بين يدي أحمد بن أبي دواد، فأحفظه ذلك «١» ، فقال: يا إبراهيم، إذا نازعت أحدا في مجلس الحكم فلا أعلمن أنك رفعت عليه صوتا، ولا أشرت إليه بيد، وليكن قصدك أمما، وطريقك نهجا، وريحك ساكنة؛ ووفّ مجالس الحكومة حقوقها مع التوقير والتعظيم والتوجيه إلى الواجب؛ فإن ذلك اشبه بك، وأشكل لمذهبك في محتدك «٢» وعظم خطرك؛ ولا تعجل؛ فربّ عجلة تهب ريثا. والله يعصمك من الزلل، وخطل القول والعمل «٣» ، ويتم نعمته عليك كما أتمها على أبويك من قبل، إن ربك حكيم عليم. قال إبراهيم: أصلحك الله، أمرت بسداد، وحضضت على رشاد. ولست بعائد إلى ما يثلم مروءتي عندك «٤» ، ويسقطني من عينك، ويخرجني عن مقادر الواجب إلى الاعتذار؛ فها أنذار معتذر إليك من هذه البادرة اعتذار مقرّ بذنبه، باخع «٥» بجرمه وتلك عادة عندنا منك، وحسبنا الله ونعم الوكيل. وقد وهبت حقي من هذا العقار لبختيشوع! فليت ذلك يقوم بأرش «٦» الجناية؛ ولن يتلف مال أفاد موعظة، وبالله التوفيق.
[كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري في القضاء]
: وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، رواها ابن عيينة: أما بعد فإنّ القضاء فريضة محكمة، وسنة متّبعة؛ فافهم إذا أدلى إليك الخصم؛ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك ووجهك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك «٧» ولا يخاف ضعيف من جورك. البينة على من ادّعى واليمين على من أنكر