فالتفت أبو العباس إلى الغمر فقال: كيف ترى هذا الشعر؟ قال: والله إنّ هذا لشاعر، ولقد قال شاعرنا ما هو أشعر من هذا. قال: وما قال؟ فأنشده:
شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا
فشرق وجه أبي العباس بالدم وقال: كذبت يا بن اللخناء «١» ! إني لأرى الخيلاء في رأسك بعد! ثم قاموا، وأمر بهم فدفعوا إلى الشيعة فاقتسموهم فضربوا أعناقهم، ثم جرّوا بأرجلهم حتى ألقوهم في الصحراء بالأنبار وعليهم سراويلات الوشي، فوقف عليهم سديف مع الشيعة، وقال:
طمعت أميّة أن سيرضى هاشم ... عنها ويذهب زيدها وحسينها
كلا وربّ محمد وإلهه ... حتى يباد كفورها وخئونها
وكان أشدّ الناس على بني أمية عبد الله بن عليّ، وأحنّهم عليهم سليمان بن علي، وهو الذي كان يسميه أبو مسلم: كنف الأمان! وكان يجير كلّ من استجار به.
وكتب إلى أبي العباس:
يا أمير المؤمنين، إنا لم نحارب بني أمية على أرحامهم، وإنما حاربناهم على عقوقهم، وقد دفت إليّ منهم دافّة «٢» لم يشهروا سلاحا ولم يكثروا جمعا، فأحب أن تكتب لهم منشور أمان.
فكتب لهم منشور أمان وأنفذه إليهم، فمات سليمان بن عليّ وعنده بضع وثمانون حرمة لبني أمية.
[خلفاء بني أمية بالأندلس]
[عبد الرحمن بن معاوية بن هشام]
أوّل خلفاء الأندلس من بني أمية: عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك ولي الملك يوم الجمعة لعشر خلون من ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين ومائة، وهو ابن