أغزى بجند نحوها مولاه ... في عقب هذا العام لا سواه
بدرا، فضمّ جانبيه ضمّه ... وغمّها حتى أجابت حكمه
وأسلمت صاحبها مقهورا ... حتى أتى بدر به مأسورا
[سنة خمس وثلاثمائة]
وبعدها كانت غزاة خمس ... إلى السّواديّ عقيد النّحس
لمّا طغى وجاوز الحدودا ... ونقض الميثاق والعهودا
ونابذ السّلطان من شقائه ... ومن تعدّيه وسوء رائه
أغزى إليه القرشيّ القائدا ... إذ صار عن قصد السبيل حائدا
ثمّت شدّ أزره ببدر ... فكان كالشّفع لهذا الوتر «١»
أحدقها بالخيل والرجال ... مشمّرا وجدّ في القتال
فنازل الحصن العظيم الشّان ... بالرّجل والرّماة والفرسان
فلم يزل بدر بها محاصرا ... كذا على قتاله مثابرا
والكلب في تهوّر قد انغمس ... وضيّق الحلق عليه والنّفس
فافترق الأصحاب عن لوائه ... وفتحوا الأبواب دون رائه
واقتحم العسكر في المدينة ... وهو بها كهيئة الظّعينه «٢»
مستسلما للذلّ والصّغار ... وملقيا يديه للإسار
فنزع الحاجب تاج ملكه ... وقاده مكتّفا لهلكه «٣»
وكان في آخر هذا العام ... نكب أبي العبّاس بالإسلام
غزا فكان أنجد الأنجاد ... وقائدا من أفحل القوّاد
فسار في غير رجال الحرب ... الضاربين عند وقت الضرب
محاربا في غير ما محارب ... والحشم الجمهور عند الحاجب