يرى الشّتم مدحا والدناءة رفعة ... وللسمع منه في العظات نفور
فرجّ الفتى ما دام حيّا فإنّه ... إلى خير حالات المنيب يصير
[باب جامع الآداب]
آداب الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم
لابن عبد ربه:
قال أبو عمر أحمد بن محمد: أوّل ما نبدأ به: أدب النبي صلّى الله عليه وسلم، ثم أدبه صلّى الله عليه وسلم لأمّته، ثم الحكماء والعلماء.
وقد أدّب الله نبيّه بأحسن الآداب كلها، فقال له: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
«١» فنهاه عن التقتير كما نهاه عن التبذير، وأمر بتوسّط الحالتين؛ كما قال عز وجل: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً
«٢» .
وقد جمع الله تبارك وتعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلم جوامع الكلم في كتابه المحكم، ونظم له مكارم الأخلاق كلها في ثلاث كلمات، فقال: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
«٣» ففي أخذه العفو صلة من قطعه، والصفح عمّن ظلمه؛ وفي الأمر بالمعروف تقوى الله، وغضّ الطّرف عن المحارم، وصوّن اللسان عن الكذب، وفي الإعراض عن الجاهلين تنزيه النفس عن مماراة السفيه ومنازعة اللجوج.
ثم أمره تبارك وتعالى فيما أدبه، باللين في عريكته، والرّفق بأمته، فقال: