للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتريه الغيّ رشدا ... وتريه الرّشد غيا!

وقال أيضا:

عتّقت في الدّنّ حولا ... فهي في رقة ديني «١»

وقال الناطق بالحق:

تركت النّبيذ وأصحابه ... وصرت خدينا لمن عابه»

شراب يضلّ سبيل الرشاد ... ويفتح للشّرّ أبوابه

وإنما قيل لمشارب الرجل: نديم، من الندامة؛ لان معاقر الكأس إذا سكر تكلم بما يندم عليه؛ فقيل لمن شاربه: نادمه؛ لأنه فعل مثل ما فعله، فهو نديم له؛ كما يقال:

جالسه فهو جليس له؛ والمعاقر: المدمن، كأنه لزم عقر الشيء أي فناءه.

وقال ابو الاسود الدؤلي:

دع الخمر يشربها الغواة فإنني ... رأيت أخاها مغنيا بمكانها

فإن لا تكنها او تكنه فإنّه ... أخوها غذته أمّه بلبانها «٣»

[أصحاب الشراب]

وقد شهر اصحاب الشراب بسوء العهد. وقلة الحفاظ، وأنهم صديقك ما استغنيت حتى تفتقر، وما عوفيت حتى تنكب. وما غلب دنانك حتى تنزف، وما رأوك بعيونهم حتى يفقدوك؛ قال الشاعر:

أرى كلّ قوم يحفظون حريمهم ... وليس لاصحاب النّبيذ حريم

إخاؤهم ما دارت الكأس بينهم ... وكلّهم رثّ الحبال سئوم

إذا جئتهم حيّوك ألفا ورحّبوا ... وإن غبت عنهم ساعة فذميم

فهذا بياني لم أقل بجهالة ... ولكنّني بالفاسقين عليم