قال الأصمعي: وكان رجل من قريش قد تقدم صدر من داره عن قدمي عمر، فهدمه وأراد أن يغوّر البئر، فقيل له: البئر للناس منفعة. فتركها.
قال الأصمعي: إذا ودع الحاج ثم بات خلف قدمي عمر، لم أر عليه أن يرجع يقول: قد خرج من مكة.
[مقتل عمر]
أبو الحسن: كان للمغيرة بن شعبة غلام نصراني يقال له فيروز أبو لؤلؤة، وكان نجارا لطيفا، وكان خراجه ثقيلا، فشكا إلى عمر ثقل الخراج وسأله أن يكلم مولاه أن يخفف عنه من خراجه، فقال له: وكم خراجك؟ قال: ثلاثة دراهم في كل شهر. قال: وما صناعتك؟ قال نجار. قال: ما أرى هذا ثقيلا في مثل صناعتك.
فخرج مغضبا فاستلّ خنجرا محدود الطرفين، وكان عمر قد رأى في المنام ديكا أحمر ينقره ثلاث نقرات؛ فتأوّله رجل من العجم يطعنه ثلاث طعنات، فطعنه أبو لؤلؤة بخنجره ذلك في صلاة الصبح ثلاث طعنات، إحداها بين سرته وعانته، فخرقت الصفاق «١» ، وهي التي قتلته؛ وطعن في المسجد معه ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة، فأقبل رجل من بني تميم يقال له حطان، فألقى كساء عليه ثم احتضنه فلما علم العلج «٢» أنه مأخوذ طعن نفسه وقدّم عمر صهيبا يصلي بالناس، فقرأ بهم في صلاة الصبح: قل هو الله أحد، في الركعة الأولى؛ وقل يا أيها الكافرون، في الركعة الثانية؛ واحتمل عمر إلى بيته، فعاش ثلاثة أيام ثم مات، وقد كان استأذن عائشة أن يدفن في بيتها مع صاحبيه، فأجابته وقالت: والله لقد كنت أردت ذلك المضجع لنفسي، ولأوثرنّ به اليوم على نفسي! فكانت ولاية عمر عشر سنين.
صلى عليه صهيب بين القبر والمنبر، ودفن عند غروب الشمس.