عكرمة عن ابن عباس، قال: بينما أنا أمشي مع عمر بن الخطاب في خلافته وهو عامد لحاجة له وفي يده الدّرّة «١» وأنا أمشي خلفه وهو يحدث نفسه ويضرب وحشي «٢» قدميه بدرّته، إذ التفت إليّ فقال: يا ابن عباس، أتدري ما حملني على مقالتي التي قلت يوم توفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قلت: لا. قال: الذي حملني على ذلك أني كنت أقرأ هذه الآية: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
«٣» ؛ فو الله إن كنت لأظن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سيبقى في أمته حتى يشهد علينا بأحنف أعمالنا؛ فهو الذي دعاني إلى ما قلت.
ابن دأب قال: قال ابن عباس: خرجت أريد عمر في خلافته، فألفيته راكبا على حمار قد أرسنه بحبل أسود، وفي رجليه نعلان مخصوفتان. وعليه إزار قصير، وقميص قصير قد انكشفت منه ساقاه؛ فمشيت إلى جنبه وجعلت أجبذ الإزار عليه، فجعل يضحك ويقول: إنه لا يطيعك. حتى أتى العالية، فصنع له قوم طعاما من خبز ولحم فدعوه إليه، وكان عمر طائما، فجعل ينبذ «٤» إليّ الطعام ويقول: كل لي ولك! ومن حديث ابن وهب عن الليث بن سعد، أن أبا بكر لم يكن يأخذ من بيت المال شيئا ولا يجري عليه من الفيء درهما، إلا أنه استلف منه مالا، فلما حضرته الوفاة أمر عائشة بردّه. وأما عمر بن الخطاب فكان يجري على نفسه درهمين كل يوم. فلما ولي عمر بن عبد العزيز قيل له: لو أخذت ما كان يأخذ عمر بن الخطاب! قال:
كان عمر لا مال له، وأنا مالي يغنيني. فلم يأخذ منه شيئا.
أبو حاتم عن الأصمعي قال: قال عمر وقام على الرّدم «٥» : أين حقّك يا أبا سفيان مما هنا؟ قال: ما تحت قدميك إليّ. قال: طالما كنت قديم الظلم! ليس لأحد فيما وراء قدمي حق، وإنما هي منازل الحاج