قال العتبي: سألت بعض آل شبيب بن شيبة: أتحفظون شيئا من كلامه؟ قالوا:
نعم، قال للمهدي: يا أمير المؤمنين، إن الله إذا قسم الأقسام في الدنيا جعل لك أسناها وأعلاها، فلا ترض لنفسك في الآخرة إلا مثل ما رضي لك به من الدنيا، فأوصيك بتقوى الله فعليكم نزلت؛ ومنكم أخذت، وإليكم تردّ.
[من كره الموعظة لبعض ما فيها من الغلظ أو الخرق]
[بين الرشيد وواعظ:]
قال رجل للرشيد: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أعظك بعظة فيها بعض الغلظة فاحتملها، قال: كلا، إنّ الله أمر من هو خير منك بإلانة القول لمن هو شر مني: قال لنبيّه موسى إذ أرسله إلى فرعون فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى
«١» .
[سليمان بن عبد الملك وأعرابي:]
دخل أعرابيّ على سليمان بن عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين، إني مكلّمك بكلام، فاحتمله إن كرهته، وراءه ما تحب إن قبلته، قال: هام يا أعرابي، قال: إني سأطلق لساني بما خرست عنه الألسن من عظتك. تأديه لحق الله تعالى وحق إمامتك:
إنه قد اكتنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، فابتاعوا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك، فهم حرب الآخرة سلم للدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه، فإنهم لا يألونك خبالا «٢» ، والأمانة تضييعا، والأمة عسفا وخسفا «٣» ، وأنت مسئول عما اجترحوا «٤» وليسوا مسئولين عما اجترحت، فلا