وكان زلزل أضرب الناس للوتر، لم يكن قبله ولا بعده مثله، ولم يكن يغني، وإنما كان يضرب على ابراهيم وابن جامع وبرصوما. ومن غنائه في المأمون:
ألا إنما المأمون للناس عصمة ... مميّزة بين الضلالة والرّشد
رأى الله عبد الله خير عباده ... فملّكه، والله أعلم بالعبد
[القيني وبعض المغنين على باب يزيد]
حدث سعيد بن محمد العجلي عن الاصمعي قال: كان أبو الطمحان القيني، وهو حنظلة بن الشرقي شاعرا مجيدا، وكان مع ذلك فاسقا، وكان قد انتجع يزيد بن عبد الملك، فطلب الإذن عليه أياما فلم يصل، فقال لبعض المغنين: ألا أعطيك بيتين من شعري تغني بهما أمير المؤمنين، فإن سألك من قائلهما فأخبره أني بالباب، وما رزقني الله منه فهو بيني وبينك! قال: هات. فأعطاه هذين البيتين:
يكاد الغمام الغرّ يرعد إن رأى ... محيّا ابن مروان وينهل بارقه
يظلّ فتيت المسك في رونق الضّحى ... تسيل به أصداغه ومفارقه «١»
قال: فغني بهما في وقت أريحيّته، فطرب لهما طربا شديدا، وقال: لله در قائلهما! من هو؟ قال: ابو الطمحان القيني، وهو بالباب يا أمير المؤمنين. قال: وما قصة الدير؟ قال: قيل لابي الطمحان: ما أيسر ذنوبك؟ قال ليلة الدير! قيل له: وما ليلة الدير؟ قال: نزلت ذات ليلة بدير نصرانية، فأكلت عندها طفيشلا «٢» بلحم خنزير، وشربت من خمرها، وزنيت بها، وسرقت كساءها، ومضيت؛ فضحك يزيد وأمر له بألفي درهم، وقال: لا يدخل علينا! فأخذها أبو الطمحان وانسلّ بها، وخيّب المغنّي.