إنّ الذين غدوا بلبّك غادروا ... وشلا بعينك ما يزال معينا
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
فقال: لمن الشعر؟ فقال لجرير: ثم غناه:
أسري لخالدة الخيال ولا أرى ... شيئا ألذّ من الخيال الطارق
إنّ البليّة من يملّ حديثه ... فانقع فؤادك من حديث الوامق
فقال: لمن هذا الشعر؟ فقال: لجرير. قال: ما أحوجه مع عفافه إلى خنوثة شعري، وما أحوجني مع فسوقي إلى رقة شعره! وقال جرير: والله لولا ما شغلت به من هذه الكلاب، لشببت تشبيبا تحنّ منه العجوز إلى أيام شبابها، حنين الجمل إلى عطنه!
[الأحوص ومعبد وعقيلة]
: وقال الأحوص يوما لمعبد: امض بنا إلى عقيلة حتى نتحدث إليها ونسمع من غنائها وغناء جواريها. فمضيا، فألفيا على بابها معاذ الأنصاري وابن صياد؛ فاستأذنوا عليها، فأذنت لهم إلا الأحوص، فإنها قالت: نحن على الأحوص غضاب، فانصرف الأحوس وهو يلوم أصحابه على استبدادهم بها، وقال:
ضنّت عقيلة عنك اليوم بالزّاد ... وآثرت حاجة الثّاوي على الغادي «١»
قولا لمنزلهما: حيّيت من طلل ... وللعقيق: ألا حيّيت من واد «٢»
إنّي وهبت نصيبي من مودّتها ... لمعبد ومعاذ وابن صيّاد
[قرشي ومغن في المسجد]
: وجعل رجل يترنم في مسجد المدينة، ورجل من قريش يسمع؛ فأخذه بعض القوم فقالوا: يا عدوّ الله؛ أتغني في المسجد الحرام! وذهبوا به إلى صاحب الحكم، واتبعهم.