كان علي بن أبي طالب إذا دخل بيت المال ونظر إلى ما فيه من الذهب والفضة قال:
ابيضّي واصفرّي وغرّي غيري ... إني من الله بكلّ خير
ودخل رجل على الحسن بن أبي الحسن البصري فقال: يا أبا سعيد، أنهم يزعمون أنك تبغض عليّا؟ قال: فبكى الحسن حتى اخضلّت لحيته، ثم قال: كان علي بن أبي طالب سهما صائبا من مرامي الله على عدوه، وربانيّ هذه الأمة وذا فضلها وسابقتها، وذا قرابة قريبة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لم يكن النّومة «١» عن رسول الله، ولا الملولة في ذات الله، ولا السّروقة «٢» لمال الله؛ أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة، وأعلام بينة، ذلك عليّ بن أبي طالب يا لكع.
[يوم الجمل]
أبو اليقظان قال: قدم طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعائشة أم المؤمنين البصرة؛ فتلقاهم الناس بأعلى المربد، حتى لو رموا بحجر ما وقع إلا على رأس إنسان؛ فتكلم طلحة، وتكلمت عائشة، وكثر اللغط؛ فجعل طلحة يقول: أيها الناس، أنصتوا! وجعلوا يرهجون ولا ينصتون، فقال: أف! أف! فراش نار وذباب طمع! وكان عثمان بن حنيف الأنصاري عامل عليّ بن أبي طالب على البصرة، فخرج إليهم في رجاله ومن معه؛ فتواقفوا حتى زالت الشمس، ثم اصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا: أن يكفوا عن القتال حتى يقدم عليّ بن أبي طالب، ولعثمان بن حنيف دار الإمارة، والمسجد الجامع، وبيت المال؛ فكفّوا.
ووجه علي بن أبي طالب الحسن ابنه، وعمار بن ياسر، إلى أهل الكوفة يستنفرانهم، فنفر معهما سبعة آلاف من أهل الكوفة؛ فقال عمار: أما والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها لتتبعوه أو تتبعوها.